من نحن

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي هي مؤسسة خاصة غير ربحية، أُنشِئت بموجب مرسوم أميري صدر عام 1976 بتوجيه من أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه، وذلك تحقيقًا لرؤيته الطويلة الأمد الرامية إلى نشر ثقافة علمية وتكنولوجية وابتكارية مزدهرة وتشجيعها من أجل كويت مستدامة. ونصَّ سند إنشاء المؤسسة لدى انطلاقها على التزام شركات القطاع الخاص الكويتية بالمساهمة بنسبة 5% من صافي أرباحها السنوية لدعم أنشطة المؤسسة، قبل أن تُخفَّض هذه النسبة تدريجيًّا لتصبح حاليا 1%.

قصص النجاح

...

انتصار الهتلاني الكيمياء التحليلية تجعل كل قطرة مهمة

تحسينات في تقنيات الطب الشرعي تساعد جهات إنفاذ القانون على التعرف على المشتبه فيهم وحل القضايا بسرعة أكبر. انتصار الهتلاني رائدةٌ في الكيمياء التحليلية في الكويت، إذ تعمل على تحقيق الأهداف التي حلمت بها وهي على مقاعد الدراسة. عن ذلك، قالت اختصاصية الكيمياء التحليلية في جامعة الكويت: “كنت أتابع كل البرامج التلفزيونية التي تتطرق إلى حل ألغاز الجرائم. كنت أراهم يستخدمون الأدوات نفسها التي لدينا في مختبرنا. أعلم أن الحلقات لم تكن واقعية، لكن الأمر كان يجذبني كثيرًا. رأيت الكيفية التي تُستخدم بها الكيمياء في مجال حقيقي ومهم، وكل ما أردت هو أن أفعل ذلك”. نما اهتمام الهتلاني بالكيمياء التحليلية في جامعة هال University of Hull بالمملكة المتحدة حيث أمضت بعثتها لاستكمال دراساتها العليا، وكان التخصص المطلوب هو الكيمياء التحليلية. قالت الفائزة بجائزة جابر الأحمد للباحثين الشباب في مجال العلوم الطبيعية والرياضيات لعام 2020 التي تمنحها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (كيفاس): “لقد وجدتها رائعة حقًا. إذا كان بإمكانك تحليل شيء ما لتحديد ما يحتويه وبأي مقدار، فإن بإمكانك الإجابة عن العديد من الأسئلة”. ينبع اهتمامها بالموضوع جزئيًا من التحدي المتمثل في حل الألغاز. وعبر مقارنة البحث العلمي بحل جريمة ما، قالت: “لديك عدة أدلة وكلها مهمة، لكن الأمر متروك لك لتقرير أي منها أكثر أهمية”. فالتحليل الكيميائي قد يساعد عن طريق استخلاص أكبر قدر ممكن من المعلومات من كل دليل. على سبيل المثال، كانت بصمات الأصابع عنصرًا أساسيًا في التحريات على مدى أكثر من قرن، لكن خبراء مثل الهتلاني يمكنهم الحصول على أشياء أكثر بكثير منها مقارنة بما كان ممكنًا في السابق. قالت الهتلاني إن بصمات الأصابع هي “أكثر من مجرد طبعة”، ويمكن أن يوفر تحليلها بطرق مختلفة معلومات حول العرق أو الجنس، إضافة إلى تفاصيل أخرى. ركزت بعض أبحاثها على تحسين قدرتنا على استخدام بصمات الأصابع ليس لمعرفة من هو صاحبها فحسب وإنما كذلك معرفة الغرض الذي كان في يده. إذ يمكن أن يكون اكتشاف آثار للمخدرات وتحديدها لدى تحليل بصمات الأصابع مفيدًا جدًا في تحديد ما حدث في مسرح الجريمة، خصوصا مع تفاقم مشكلة المخدرات في الكويت. تبحث الهتلاني في ذلك بالنظر في تعديل تقنية الإنتزاز/التأين بالليزر بمساعدة السطح، وتُعرف اختصارًا باسم تقنية SALDI؛ إذ تسلط الليزر على العينة فتؤيَنها ثم تحدد ماهية الجزيئات المتأينة باستخدام مطياف الكتلة، وهي تقنية شديدة الدقة. طوّرت الهتلاني العملية عندما تساءلت ما إذا كان يمكن تحسين هذه الطريقة برش بصمات الأصابع بجسيمات نانوية من أكسيد معدني. عندما جربوا الفكرة، وجد أعضاء فريق الهتلاني أنها قللت من ضوضاء الخلفية التي يمكن أن تشوِّش على التحليل. وتمكن الباحثون من اكتشاف آثار مخدرات – بشكل موثوق – على بصمات الأصابع بعد أسبوع، بعد تخزين العينات في درجات حرارة منخفضة أو معتدلة. ويعمل فريقها الآن على استخلاص مزيد من المعلومات من بصمات الأصابع؛ يعمل أحد الطلبة على التعرف على آثار مستحضرات التجميل في بصمات الأصابع، وربما حتى التعرف على العلامة التجارية المحددة، في حين يحاول طالب آخر اكتشاف مزيد من المعلومات حول “الخصائص الذاتية” – أو سمات الشخص الذي ترك البصمة.كما توصلت الهتلاني إلى طريقة تمكنها من التعرف على سمات شخص ما من خلال عينة صغيرة من اللعاب. فقضت تفرغها العلمي في مختبر إيغور ليدنيف Igor Lednev’s lab في جامعة ألباني، جامعة ولاية نيويورك University at Albany, SUNY، لتتعلم تقنية مطيافية رامان Raman Spectroscopy. لدى استخدام مطيافية رامان، تُضاء العينة بالليزر وتُستخدم التغيرات في طاقة الفوتونات المنبعثة لتحديد التركيب الجزيئي للعينة. أعجب ليدنيف بعمل الهتلاني وقال: “أدركنا على الفور أن لديها خلفية ممتازة وخبرة كبيرة في التحليل الطيفي والقياس الطيفي. أبحاثها كانت ممتازة في مختبري، ونشرنا بحثًا مشتركًا في أرقى دورية علمية في هذا المجال”. تناولت الورقة البحثية التي كانت موضوع غلاف ذاك العدد من المجلة معرفة ما إذا كان أثر اللعاب قد أتى من مدخن. من خلال تدريب نظام تعلم الآلة على أطياف رامان من مدخنين وغير مدخنين، طور الباحثون نموذجًا يمكنه تحديد مصدر العينة بدقة. قال ليدنيف: “ربما يكون هذا مفيدًا جدًا لجهات إنفاذ القانون، خاصة في بداية التحقيق، لأنه سيوفر معلومات إضافية حول المشتبه فيهم المحتملين”. تتوفر مقاييس طيف رامان المحمولة باليد، وهذا يتيح إجراء التحليل مباشرة في مسرح الجريمة. أثناء تفرغها العلمي، طورت الهتلاني أيضًا طريقة محسنة لتشخيص داء الاضطرابات الهضمية الزلاقي Celiac Disease. كان فريق ليدنيف يستخدم تحليل رامان الطيفي لتشخيص الداء الزلاقي على أساس عينة من الدم، لكن نهجهم تطلب تحليلًا إحصائيًا لاكتشاف التغيرات الطفيفة في طيف رامان. من خلال تعديل الطول الموجي لأشعة الليزر المستخدمة، وجدت الهتلاني ظروفًا تنتج أطيافًا أسهل في التحليل بكثير. وقال ليدنيف: “حاليًا، صارت الاختلافات كبيرة جدًا. يمكنك رؤيتها بالعين المجردة”. على الرغم من أهمية النتائج، أشار ليدنيف إلى أنه ينبغي التحقق من صحتها باستخدام مجموعة عينات أكبر ومن ثم نشر نتائجها. وأضاف: “نحن نفكر حتى في تسجيلها كبراءة اختراع”. كان الموضوع الأساسي في الكثير من أعمال الهتلاني هو استخلاص أكبر قدر ممكن من المعلومات من المواد المحدودة المتوفرة. وينطبق هذا على مساهمة أخرى قدمتها لمعالجة إدمان المخدرات. فمن خلال التقنيات نفسها المستخدمة لتحليل بصمات الأصابع، تمكنت الهتلاني وفريقها من معرفة ما إذا كان شراب ما يحتوي على مخدر من مجرد بضعة أجزاء من المليون من اللتر – أي من أقل من قطرة منه. استحوذ تحليل المواد المخدرة على الدوام على اهتمام الهتلاني. عن ذلك قالت: “أعتقد أنها مشكلة الآن. وقد كانت مشكلة في الماضي، وستظل دائمًا مشكلة ستزداد سوءًا بمرور الوقت. إذا كان لدينا أشخاص يمكنهم العمل على هذا ومواكبة التغييرات باستخدام التكنولوجيا، فربما يمكننا احتواء الموقف”. إن الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات من كل دليل أمر حيوي في الطب الشرعي، نظرًا لأن مواد التحقيق المتوفرة تكون محدودة ولا يمكن تعويضها. والميزة المهمة الأخرى للتقنيات التي تطورها الهتلاني هي سرعتها. فهي تقول إن على خبراء الطب الشرعي في الكويت التعامل مع عدد كبير جدًا من القضايا، لذا سيستفيدون من كل زيادة في السرعة والكفاءة. وهي تأمل على المدى الطويل أن يكون بالإمكان، من خلال مركز تعاوني بين جامعة الكويت ووزارة الداخلية، الجمع بين الباحثين وخبراء الطب الشرعي للدفع بالتحليلات إلى الأمام واكتشاف تطبيقات جديدة

تعرف على المزيد
...

نهج أخف وطأة لعـلاج السرطان

على الرغم من أن العلاجين الإشعاعي والكيميائي أداتان قويتان لعلاج السرطان، فإنهما يسببان آثاراً جانبية جسيمة؛ إذ يتلفان إلى جانب الخلايا السرطانية الخلايا السليمة أو يقتلانها. يعمل الدكتور سعد مخصيد من جامعة الكويت على تقنية تَعد بقتل الخلايا السرطانية من دون إلحاق الأذى بجاراتها السليمة. ويعتمد النهج، المعروف باسم العلاج الضوئي الديناميكي Photodynamic therapy (اختصاراً: العلاج PDT) على مزيج من ثلاثة مكونات – الأكسجين والضوء وجُزيء يُعرف باسم المُحسِّس الضوئي Photosensitizer – وكل منها غير ضار بمفرده، لكن بإمكانها أن تقتل الخلية إذا جُمعت معاً بطريقة صحيحة. عندما يُضاء المُحسِّس الضوئي Photo-sensitizer بطول موجي صحيح، فإنه يتفاعل مع الأكسجين القريب ويُحوله إلى شكل أكثر نشاطاً يعرف باسم الأكسجين الأحادي Singlet oxygen. وتكون جزيئات الأكسجين شديدة التفاعل هذه سامة للخلايا إذ تتلف مكوناتها وتتسبب في النهاية في موتها. ومن خلال بالحرص على أن يقتصر امتصاص المحسِّس الضوئي على الخلايا السرطانية وعلى إضاءتها بأكبر قدر ممكن من الدقة، يمكن للأطباء توفير العلاج PDT لقتل الخلايا السرطانية من دون إلحاق الضرر بأي نسيج سليم. يهتم مخصيد، المتخصص في الكيمياء ، بدراسة الجزيئات المعروفة باسم الفثالوسيانين Phthalocyanines (اختصاراً: جزيئات Pcs) في محاولة لتحسين أدائها كمحفِّزات Catalysts . أثناء قراءته عن هذه الجزيئات اكتشف أنها تُستخدم في العلاج PDT. وقال: “يستهويني الطب، لذلك بدأت في قراءة المزيد عن هذا النهج البحثي والصعوبات والتحديات، وأنواع الخصائص اللازمة لاستخدام هذه الجزيئات في العلاج الضوئي الديناميكي”. تقنية جزيئات الفثالوسيانين للعلاج الهادف الجزيئات Pcs من حيث المبدأ فعالةٌ جداً في إنتاج الأكسجين الأحادي، لكن بعض العيوب حدَّت من استخداماتها العملية. ويتمثل التحدي الأول في أن جزيئات Pcs ليست قابلة للذوبان في الماء، ومن ثم تميل إلى التكتل معاً وتشكيل مجموعات متكتلة تكف عن التفاعل مع الأكسجين. وللتغلب على هذا الأمر، صمم مخصيد جزيئات Pcs وصنَّعها مع رصِّ ملحقات كبيرة فوقها وأسفلها، فصارت أشبه بحشو بين كعكتين مستديرتين (دونت). وباستخدام ملحقات مشحونة بشحنات كهربائية، كان يأمل في منع الجزيئات من التكتل. تواصل مخصيد مع بيتر زيمشك Petr zimčík من جامعة تشارلز Charles University في جمهورية التشيك لمساعدته على تحليل الجزيئات الجديدة. وقال زيمشك: “كانت لدينا بعض المرافق التي لم تتوفر لدى مخصيد في ذلك الوقت، لذلك تمكنا من تقييم الخصائص الفيزيائية-الضوئية للمركب”. وأضاف: “لقد أعاقت التعديلات المُدخلة تماماً عملية التكتل، وهو أمر مهم حقاً في هذا المجال. لقد حظيت هذه الجزيئات بإعجابنا حقاً”. من خلال تعاونه المستمر مع زيمشك، تمكن مخصيد من تحسين تصميم الجزيئات Pcs. واستبدل في التركيب الأخير الزنك الموجود في قلب الجزيئات بمعدن الإنديوم Indium فزادت كفاءتها في إنتاج الأكسجين الأحادي. والتحدي الرئيسي الثاني هو التأكد من أن الخلايا السرطانية هي وحدها التي تمتص الجزيئات Pcs. ولقد أمكنه فعل ذلك من خلال ربط مجموعات وظيفية محددة بالجزيئات Pcs لجعلها أكثر جاذبية للخلايا السرطانية. على سبيل المثال، نظراً لأن الخلايا السرطانية تنقسم بسرعة، فإن معدلات تمثيلها الغذائي أعلى من الخلايا الطبيعية، لذا فإن لصق الجزيء Pc بجزيء سكر سيجعل الخلية السرطانية أشد إقبالاً على امتصاصه. ليس توليف الجزيئات الكبيرة والمعقدة بالمهمة السهلة. وبفضل التمويل الذي حصل عليه من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، صار لدى مخصيد حالياً مرافق لاختبار الخصائص الفيزيائية للجزيئات التي طورها، لكنه لا يزال بحاجة إلى إرسالها إلى زيمشك والمتعاونين الآخرين لاختبارها في مزارع الخلايا، وفي النهاية في النماذج الحيوانية. تغلب مخصيد مؤخراً على التحدي المتمثل في تطوير تقنيات التوليف المتكررة. وقال: “لقد طورنا لبنة ذات وظائف معينة تسمح لنا بربط أي شيء نريده بالفثالوسيانين”. وباستخدام هذه التقنية، يمكنه إنتاج الجزيئات Pcs بملحقات إضافية مختلفة لاستهداف الخلايا السرطانية، سواء من الكربوهيدرات أم الأحماض الأمينية أم الدهون، على سبيل المثال. وقال مخصيد إنه “باستخدام المعلومات المتوفرة من الأبحاث الحيوية، ينبغي أن نكون قادرين على تصميم جزيئات تنتقيها الخلايا السرطانية وتحبذها إلى حد كبير”. سجل مخصيد براءة اختراع لهذه الجزيئات وتقنية تركيبها الجديدة، وهو يعلق آمالاً كبيرة عليها. وقال: “إن هذه التقنيات لن تفيد المجتمع الكويتي فحسب، وإنما منطقة الخليج وحتى العالم بأسره”. وأضاف إن “هذا النوع من العلاج لا ينطوي على إجراءات باضعة، لذلك يمكن إجراؤه كلما دعت الحاجة. يمكن أن يكون انتقائياً جداً، لذلك لا يسبب آثاراً جانبية لدى المرضى، وليست هناك حاجة لإجراء عملية جراحية”. يخطط زيمشك لإدراج جزيئات مخصيد في مشروع عالمي لاختبار فعالية الجزيئات المختلفة من Pcs. وإلى جانب المركبات التي ركّبها مخصيد، يجمع زيمشك جزيئات من مختبرات في الصين وروسيا وإسبانيا وبولندا وأماكن أخرى. وقال مخصيد: “إن التقييم البيولوجي لنشاط العلاج PDT يُجرى بشكل مختلف في كل مختبر، الأمر الذي يجعل من الصعب مقارنة النتائج. لذا، أردنا توحيد البروتوكول وجمع أفضل الجزيئات التي نُشرت ومقارنتها لمعرفة الاختلافات الموجودة بينها”. وتفتح تقنية مخصيد الجديدة في تعديل تركيبة الفثالوسيانين المجال أيضاً أمام إمكانية توليفها لاستخدامها كمحفِّزات، مما يعيده إلى نقطة البداية. فإضافة إلى عمله على العلاج الضوئي الديناميكي، يعمل الباحث على تطوير جزيئات Pcs معدَّلة لامتصاص ثاني أكسيد الكربون أو تنقية المياه، وهو بصدد بدء التعاون مع مختبر في جامعة دورهام Durham University بالمملكة المتحدة لتطوير الثنائيات العضوية الباعثة للضوء Light-emitting diodes. وقال مخصيد إن “المعرفة التي نكتسبها مهمة جداً بالنسبة للكويت. يعطينا هذا البحث معلومات جديدة ويساعدنا على تطوير جزيئات مثلى بسرعة أكبر. وأعمل على بناء علاقات تعاون مع جهات خارجية وإعادة تلك المعرفة إلى الكويت”. يأمل مخصيد أن يتطور عمله إلى إنتاج علاج فعال للسرطان وأن يصبح متاحاً للجميع. وقال: “ما لدينا الآن يمكن استخدامه كدواء في المستقبل إذا ساعدنا الممولون في العثور على الفرق البحثية المناسبة وإعداد تجارب إكلينيكية. أرغب في أن أكون جزءاً من مجال نساعد من خلاله الأشخاص على الحصول على العلاج، بل وحتى على الشفاء التام”.

تعرف على المزيد

الأنشطة

الأخبار